رسائل حب غربـيــة |
من إستيفن إلى ماجدولين (1)
بالأمس كنا , وكان يجمعنا بيت واحد , لا يكدر صفاءنا فيه مكدر . واليوم نحن وبيني
وبينك خمسون فرسخا , لا تمس يدي يدك , ولا تعبث أناملي بشعرك , ولا أستنشق عبير
أنفاسك , ولا يرن صوتك العذب في جوانب قلبي , ولا تضيء ابتساماتك الجميلة ظلمات
نفسي , ولا تلتقي أنظارنا في مكان واحد , ولا تمتزج أنفاسنا في جو واحد .. فلا
السماء صافية كعهدي بها , ولا الجو باسم طلق كما أعرفه , ولا الماء صاف عذب , ولا
الهواء رقراق عليل , ولا الروض متفتح عن أزهاره , ولا الزهر متنفس عن عبيره ..
كأنما كنتِ سر الجمال الكامن في الأشياء , فلما خلت منك أقفرت واقشعرت ونبت عنها
العيون والأنظار ...
قد أحزنني كثيرا ما تكابدينه من الآلام والأحزان من أجلي , ولو كشف لك من أمر نفسك
ما كشف لي منها , لعرفت أنك أسعد مني حظا , وأروح بالا , لأنك تعيشين في المواطن
التي شهدت سعادتنا وهناءنا , والتي نبتت في تربتها آمالنا وأحلامنا , فكل ما حولك
يذكرك بحبك وأيام سعادتك . أما أنا فكل ماحولي غريب عني , أنكره ولا أكاد أعرفه ,
كأنما هو مؤتمر بي أن ينتزع مني ذكرى تلك الأيام الجميلة التي قضيتها بجانبك , وهي
كل ما أصبحت أملكه من بعدك .
سأكون شجاعا كما أمرت يا مجدولين , وسأبذل جهدي في تذليل كل عقبة تقف في طريق
سعادتي بك , فاكتبي إلي كثيرا , وحدثيني عن كل ما يحيط بك من الأشياء , وما يعرض لك
من الشؤون , صغيرها وكبيرها , لأجد على البعد عنك لذة القرب منك , واجعلي حبك عونا
لي في مقاصدي وآمالي , فحبك هو الذي يحييني , وهو الذي من أجله أعيش وأبقى .
إستيفن
تحت ظلال الزيزفون ـ ألفونس كار