رسائل حب شرقية


من أبي القاسم الشابي
أخي الفاضل وصديقي الأعز

تحية وسلاما
وبعد فقد اشتد الضعف على قلبي في هاته المدة الأخيرة بما أوجب معه الطبيب علي حرماني من كل الأعمال الفكرية , لا فرق بين مطالعة أو تحضير أو كتابة , وقد لبثت على ذلك نحو أربعة عشر يوما كاملة , وذلك ما حدا بي إلى أن لا أكاتبك كل هاته المدة . أما الآن وقد أوجب الطبيب على السفر ـ وقد أزمعته غدا الخميس ـ فإنني أراني مضطرا إلى مكاتبتك رغم كل شيء .

لا تألم يا صديقي لأخيك , فإن قلبي هو منبع آلامي في هذا العالم , ومن يدري لعله سيكون منبعا لمثل هاته الآلام في عالم آخر ... إن قلبي يا صديقي هو مصدر آلام هاته النفس التائهة المعذبة وهذا الجسد المعنى المنهوك . وما دمت أحمل بين جنبي مثل هذا القلب الكسير , وما دامت هاته الحياة تهد منه ولا ترحم , فإنني أشقى أبنائها . هاته حقيقة قد أيقنت من صحتها وآمنت بها يا صديقي فلا تحاول أن تصدني عنها .

والآن دعنا من حديث الآلام , فإن نواميس الوجود فراغ لمثل هاته السخافات ... ماذا أقول لك ؟ ... إن الضجة في تونس قائمة حول كتاب صديقنا الطاهر الحداد ’’ امرأتنا في الشريعة ‘‘ و ’’ المجتمع ‘‘ . ويقال إن النظارة تفكر في القيام عليه وطلب حجزه , كما فعلت مشيخة الأزهر في مصر بطه حسين وكتابه ...

لا أستطيع أن أزيدك في الحديث ... وإنما الذي أرجوك أن لا تنسى صديقك في منفاه القصي , فإنه هناك أحوج الناس إلى رسائلك التي تجلو عن نفسه ما يعلوها من صدأ الخمول , خصوصا في مثل بلاد الجريد .. والسلام عليك من المخلص :

أبي القاسم الشابي


رجوع